الكلام هنا عن الدخول عليهن، والخلوة بهن من غير محرم، وليس الكلام عن الاختلاط العام في المساجد، والأسواق ودور العلم والمشافي والطرقات. فله ما يناسبه من ضوابط.
أولا: مسألة المصافحة والتقبيل: كانت من عادات بعض القبائل العربية في الجاهلية؛ تعني زيادة ترحيب أهل البيت بالضيف، فتستقبل النساء الرجال بالمصافحة والتقبيل، عند (بعض القبائل) وليس عند العرب كلهم، وهذه أحدى توجيهات ما ورد في شكوى الصحابي “إن امرأتي لاترد يد لامس”. وإلا فحاشا رسول الله أن يقر الرجل على منكر!!
واليوم لازالت هذه العادات في بعض مجتمعات المسلمين متأصلة فيهم، ومعتمد المذاهب الأربعة هو عدم جواز مصافحة المرأة الأجنبية، ولا تقبيلها، خلافا لبعض المعاصرين الذين قالوا لا بأس بالمصافحة جبرا للخاطر!! مادامت النية سليمة؟؟!!. أو من يقول: كله بحب النبي ماشي!!
ثانيا: أما الدخول على المغيبات؛ فهن اللواتي غاب عنهن ازواجهن بسبب العمل او سفر او علاج او غير ذلك.
واعتاد بعض الناس في بعض المناطق على ذلك بحجة: هذا مثل ابني، وهذا جارنا ليس غريبا!، وذاك ضيف أتى من مكان بعيد، وابن العم وابن الخال وغيرهم من الأقرباء.
فكل من تحرم عليه حرمة ابدية جاز له الدخول عليها من غير محرم، كالام والاخت والربيبة وزوجة الاب وزوجة الابن والبنت وما حرم من الرضاع.
ومن لم تحرم عليه حرمة ابدية، فلا يجوز له الخلوة بها، ولا والدخول عليها بغير محرم، لا أخت في الله، ولا في الطريق، ولا زميلة، ولا زوجة صديق، ولا زوجة شيخ العشيرة، ولا شيخ العلم، حتى وإن رضي الزوج بذلك،
فإن اتى من مكان بعيد؛ جلس في المسجد حتى يأتي الرجل، وإن تعذر رجوع المحرم؛ رجع هو أو بات في الفندق، أكرم له وأزكى وأطهر وأصلح وأتقى وأنقى، وأرضى لربه.
وذلك لعموم قوله تعالى: (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب). وهي تعم جميع النساء عند اكثر المفسرين.
ومن السنة كثير، فأخرج مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يبيتن أحد عند امرأة ثيب، إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم”.
وأخرج أحمد والترمذي، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا تدخلوا على المغيبات؛ فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم).
وجاء في مصنف عبد الرزاق، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:’’لا يدخل رجل على مغيبة، فقام رجل فقال: إن أخاً لي أو ابن عم لي خرج غازيا وأوصاني بأهله فأدخل عليهم!! فضربته بالدرة، ثم قلت: ادن كذا، ادن دونك، وقم على الباب لا تدخل فقل: ألكم حاجة؟ أتريدون شيئا؟ ‘‘. وفي الباب أحاديث أخرى مبثوثة لمن شاء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.