إن تطهير الباطن ليس بجمع المعلومات فحسب؛ بل باتخاذ هذا العلم زادا في السير إلى الله وتربية النفس.
فالجهل يصرع بالعلم، والظلمة تطرد بالنور، ومن هنا كان صاحب النفس المتجبرة لا يألف الهين اللين، بل يريد افتراسه ليرضي غروره وشهوة الربوبية التي تعتريه!
والنفس الشهوانية والعدوانية الأرضية لا تألف النفوس الصافية، ولا تفهم لغة السكينة والأرواح، لأنها تعيش بلغة الافتراس والإغارة، والعلو والكبر والعلو والقهر، وهذه النفس الأمارة الحيوانية التي أشار إليها الغزالي؛ هي محجوبة عن لغة الأرواح، وقد تنكرها؛ بهذه المكاسب والحجب معا.
إذا السير إلى الله ليس بجمع النصوص والمعلومات فحسب، بل بالعمل وحمل النفس على مراد الشارع، قال الناظم:
وعالم بعلمه لم يعملن معذب من قبل عباد الوثن!!
فكم من عامي قليل العلم كثير العمل، بصير الفؤاد، وكم من عالم لم ينفعه الله بعلمه، يحيا بنفسه وهواه وظلمانيته، وكم من عالم رباني جمع بين شرفي العلم والعمل!
وهذا ما يستفاد من عموم الآيات الكريمة:
قال تعالى: (قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة: 100).
وقال: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ (فاطر: 22). وقال: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (فاطر : ٢٨).
وقال: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (المطففين: 29). وغيرها من الآيات الكريمة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم