شاع بين كثير من الناس الاستهانة بالكلمة دون اعتبار لمؤداها الشرعي، أو القانوني، أو الادبي.
وقد شدد الشارع الحكيم على الاستهانة بإلقاء الكلمة جزافا، كذبا، فمن قالوا إن الملائكة بنات الله؛ قال فيهم: (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا).
أو الكلام من غير تحقق وثبت، فقال: (فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة) وقرا حمزة والكسائي وخلف: (فتثبتوا).
ومن قال نتسلى ونضيع اوقاتا؛ جاءهم الرد في حديث: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا، أو ليصمت!” وفي ترك الفضول: “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”
وإذا قال بأن قلبي ابيض، ولكن لساني يخرج أصواتا، لا قيمة لها؛ جاءه الجواب: “وهل يكب الناس في النار على وجوههم؛ إلا حصائد ألسنتهم!!” والآيات والأحاديث كثيرة معروفة في هذا الباب.
ويرتد من يسب الدين، أو يسب حضرة المصطفى بكلمة!، وذهب عليش من المالكية إلى أنه لا يعذر الساب بجهل ولا زلل لسان، كما في فتح العلي المالك.
ويفرق بينه وبين زوجه بمجرد الردة عند بعض الفقهاء، وذهب الشافعية إلى التفريق بعد انقضاء العدة إذا لم يتب.
ولا تمكنه زوجه من نفسها حين تلبسه بالردة؛ لأنه أصبح محرم عليها، وهذا لأنه لم يقم وزنا لتلك الكلمة!
ويعلو شأن المرء إلى أعلى مراتب المجاهدين إذا ما قال في وجه الفراعنة والطواغيت الظلمة من الحق؛ كلمة!.
ونزول الوحي بقران يتلى إلى قيام الساعة لبراءة أم المؤمنين رضي الله عنها؛ لأنه افتري عليها بكلمة!
وقتل الزاني المحصن بشهادة عدول أربعة تخرج من أفواههم كلمة! وشهادة الزور الموبقة، والتي تضيع أو تسلب حقا، أو تجني، أو تقتل أو تسجن؛ إنما هي كلمة!
وأف يقولها بوجه والديه تكون كبيرة، وهي من العقوق، مع أنها من حرفين، فأف لها من كلمة!
والكفر والنفاق والغيبة والنميمة والتجسس والملق (التطبيل) والاستهزاء والفرية والسخط والطلاق؛ بكلمة!، كما أن الإيمان والمعروف والنكاح والصدق والشكر والعرفان بالجميل والتوبة؛ بكلمة!. قال تعالى: (فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (البقرة: 37).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.