مع انتشار البحوث العلمية الدقيقة على الشبكة العنكبوتية المختصة بالسنة النبوية المطهرة، وكتابات بعض أهل العلم على صفحاتهم ومواقعهم في نقد بعض المرويات على منهج علمي، ونشر الإعلام لشبه حول السنة النبوية، بشكل منظم ومدروس؛ أدى هذا الخليط غير المتجانس بين الخير والشر، والعلم، وسياسة التجهيل والتشويه؛ إلى تصورات مخيفة تسربت الى بعض الناس وأصبحوا يرددونها ويحتجون بها والتي تحتاج إلى وقفات.
أولا: لا بد لطالب العلم أن يميز بين مقولات وبحوث ودراسات المحدثين الذين ينظرون في بعض المرويات والتي قد يختلفون في تصحيحها وتضعيفها تبعا لاختلاف مناهج النقد، وبين مقولات المستشرقين والعلمانيين واللادينيين والمأجوين.
ثانيا: جميع أهل العلم يؤمنون بحجية السنة باعتبارها المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، فهو ثاني الوحيين الشريفين، أما اختلافهم وعملهم وتنقيداتهم فهو في إطار ثبوت بعض المرويات من عدم ثبوتها، فمن ينكر حجية السنة عندهم بالمطلق يكفر.
ثالثا: أما فريق المطابخ المأجورة الذين يروجون لشبه المستشرقين منذ أكثر من قرن من الزمان، ويوظفون بعض الاعلاميين والتنويرييين والفنانين، فهؤلاء لا يهمهم قرآن ولا سنة ولا إيمان ولا فقه، إنما هم أياد لهدم الدين والعقيدة والإيمان في نفوس المسلمين؛ لتفريغهم من عقيدتهم؛ حتى يقبلوا كل ما يريده البيت الاسود من عالم الدجال الجديد!!.
رابعا: سبب كتابة هذه الكلمات؛ شبهة(ظنية السنة، وأن القطعي منها قليل، فنكتفي بالقران) وانتشار ذلك على ألسنة بعض الناس، وكأنهم يمضغون لبانة نعناع!! ولكن مع معرفة الخداع الذي يمارسه هؤلاء على الناس سيكشف زيفهم ويذهب هباء منثورا!!
إن كلمة(ظن) مشترك لفظي بين(الوهم) و(الشك) و(اليقين) وقد وردت في القرآن الكريم على الأنحاء الثلاثة:
بمعنى الوهم: (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الانفس)، وعابه بهذا المعنى في قوله: (وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) فالذي لا يغني من الحق شيئا هي الأوهام والتخرصات والخيالات.
وورد بمعنى الشك: ويعني التردد بين امرين أو نقيضين ما من مرجح لأحدهما على الآخر، كما في قوله تعالى في البقرة: (إن هم إلا يظنون) يعني يشكون. ٥٠ % لكل من الأمرين!!
وورد بمعنى اليقين في قوله تعالى(الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وانهم إليه راجعون) هنا بمعنى اليقين على قول جمهور العلماء كما ذكر القرطبي.
طيب، هل تريد أن تقول: بأن السنة الظنية الصحيحة بمعنى اليقين؟
السنة الصحيحة المشهورة التي لم تصل إلى درجة التواتر هي من حيث ثبوتها ظنية بمعنى (الظن الغالب الراجح) الذي يقترب من القطع واليقين، وقطعية من حيث العمل بها.
ومع تعدد مخارج الحديث وهذا النوع عند الحنفية المشهور الذي يلحقونه بالمتواتر يعني(القطعي)! وهذا يجب العمل به باتفاق، واما النزاع بين الجمهور والحنفية في شروط العمل بخبر الآحاد، وليس هنا محل هذا المبحث الاصولي.
المهم أنه ظهر لغير المختص، حقيقة شبهة (ظنية السنة) المنتشرة في الإعلام، لكي يتبادر إلى ذهن من لا معرفة له أنها بمعنى (الوهم)؛ أنها خدعة وتلبيس على الناس، وأن معنى (الظني) الذي يعتبر في الشريعة هو (الغالب الراجح) المعتضد والمحتف بغيره من المرحجات والقرائن المختلفة.
وصلى الله على نور الهدى، وماحي الظلام سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.